الخميس، 11 مارس 2021

و الذين هم عن اللغو معرضون

 

العنوان :  صفات المؤمنين المفلحين في الدنيا والآخرة (2) و الذين هم عن اللغو معرضون 

 

الخطبة الاولى :

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله، فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له

 

وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له يحيي و يميت و هو على كل شيء قدير.

 

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ما ترك خيرا الا دلنا عليه و لا ترك شرا الا حذرنا منه.

 

و نعوذ بالله من شر الشيطان الرجيم وشركه و همزه ونفخه و نفثه و وسوسته و نعوذ بالله من شرور جنوده اجمعين.

اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]،

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]،

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسوله محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

أيها الناس:

 

 يقول الله تعالى في كتابه الكريم: بسم الرحمن الرحيم، ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ(1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُون(2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ  (3)وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11) ﴾ [المؤمنون: 1 - 11].

 

عباد الله:

 لقد ذكر الله سبحانه و تعالى في هذه الآيات ست صفات عظيمة اذا اتصف بها المؤمنون افلحوا في الدنيا والآخرة، و قد تحدثنا في الخطبة الماضية عن  

 الصفة الأولى وهي  الخشوع في الصلاة وعن الصفة السادسة وكانت المحافظة على الصلوات:

 

و في هذه الخطبة سنتحدث عن الصفة الثانية و هي: الاعراض عن اللغو قال الله تعالى:

بسم الرحمن الرحيم، ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ(1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُون(2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ  (3)

 

عباد الله:

لكي يتصف المؤمن بصفة الاعراض عن اللغو يجب اولا ان يعلم ما هو اللغو ؟

 

قال العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله عندما سئل عن اللغو في قول الله سبحانه و تعالى(والذين هم عن اللغو معرضون) فقال:

فسر العلماء (اللغو) بأمور ثلاثة:
أحدها: الشرك

الثاني: المعاصي كلها

الثالث: كل شيء لا فائدة فيه ولا مصلحة فيه فهو من اللغو

 

و معنى معرضون: اي تاركون ومفارقون شعوريا ولفظيا و سلوكيا .

 

عباد الله:

ان الدين عند الله الاسلام و هو خير الاديان و قد اعتنى الاسلام بالانسان فجعله مكرما و انزل اليه خير الكتب و ارسل اليه خير الرسل ، و ان الاسلام يهتم كثيرا بالعلاقات كلها:

علاقة الانسان بربه و علاقته بالملائكة و علاقته بنبيه ﷺ و علاقته بالانسان مسلما وكافرا و علاقته بالكون و مكوناته و حتى علاقته بنفسه.

 

و ان المتدبر في قول الله تعالى: و الذين هم عن اللغو معرضون

 

ليعلم ان المسلم الموحد منضبط و يتعبد الله بالاقوال والافعال والمشاعر

 

عباد الله:

ان العبادة لله ما هي الا قول وصمت وفعل وترك و ان الصفات الخمس الواردة في بداية سورة المؤمنون كانت تركز على القول والفعل القويم الصحيح و ان الصفة الثانية تركز على مفارقة المشاعر والأقوال والسلوكيات التي لا تفيد في الدنيا والآخرة ، لان هذا الدين متكامل .

 

اخواني:

ان الله سبحانه و تعالى يمتدح عباده المؤمنين بانهم يعرضون عن الكفر والشرك والبدع والمعاصي والمنكرات و يعرضون عن كل شيء لا فائدة منه في الدنيا والاخرة ، ليس هذا فحسب بل إن المسلم العاقل ليبتعد عن الإفراط في المباحات و ان المسلم القائد يستثمرجهده ووقته وماله و كل موارده و طاقاته فيما يعود عليه و على المسلمين و على البشرية كافة بالنفع في الدنيا والآخرة.

 

 

بارك الله لي ولكم وللمسلمين في القرآن العظيم و نفعنا بهدي سيد المرسلين. و استغفر الله لي ولكم وللمسلمين والمسلمات من كل ذنب فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله الذي جعلنا مسلمين  واعزنا بالاسلام و فضلنا على كثير من العالمين تفضيلا.

 

وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم  عليه وعلى آله وصحبه.

أما بعـــد :

فان المآل في الاخرة اما للجنة او للنار قال الله تعالى:

وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ ۚ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7) الشورى

و كذلك حال الانسان في الدنيا فإما أنه يقترب من الجنة خطوة او يقترب من النار ، و لذلك فان وقته اما لهوا و لعبا ولغوا وضياعا و الا استثمارا و حفظا ، و العاقل من صرف عمره فيما يعود عليه بالنفع في الدنيا والآخرة. لانه سوف يسال عنه يوم القيامة قال النبي محمد ﷺ: ( لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه؟ وعن علمه فيم فعل فيه؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيم أبلاه)

رواه الترمذي و صححه الالباني رحمهما الله.

والانسان اما خاسر او رابح

قال الله تعالى:

وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)

 

لكي نتصف عمليا بصفة المؤمنين الثانية ، وهي صفة الاعراض عن اللغو فان علينا ان نحافظ على أوقاتنا و نستثمرها في كل مفيد وذلك لن يتم الا بالخطوات التالية :

1.محبة الله و رسوله من خلال طاعتهما في كل امر واتباع سنة محمد ﷺ قال الله تعالى: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (31) ال عمران

 

2.عمل خطة عامة متكاملة للحياة خطة توصلنا إلى الجنة وتنجينا من النار وتكون خطة محكمة و مبنية  على  الرؤية والرسالة والقيم والاهداف الاستراتيجية (الثقافية والاجتماعية والاقتصدية)

 

3.حصر الاعمال التي تدخلنا الجنة وهي غالبا ١٤ عملا نؤديها خلال الاسبوع و تحقق الغاية من الحياة ومنها:

·       النوم ٧ ساعات بالليل بالظلام.

·       الصلاة

·       العمل وافضله في التجارة والصناعة والزراعة

·       التعلم والتطوير و حضور مجالس العلم واقيعا و عن بعد.

·       الدعوة ونشر العلم

·       الرياضة

·       صلة الارحام والزيارات و العلاقات الاجتماعية و التواصل الاجتماعي.

·       الرحلات والترفيه المباح

·       اعمال تطوعية والمسؤولية المجتمعية

·       قراء القرآن

·       الاكل و النظافة

·       التربية والتوجيه

·       القراءة المستمرة

 

4.عمل جدول زمني اسبوعي تنفيذي معلن لجميع الاعمال التي نتعبد الله بها خلال ١٦٨ ساعة في الاسبوع

 

5.تنفيذ الجدول بحزم و المتابعة والتعديل والتصحيح حتى تصل انتاجيتنا الى ٩٠% فاكثر

 

6.التخلص من مضيعات الوقت الاشخاص والاشياء و الاماكن و غيرها

 

7.انتقاء الصحبة الصالحة المصلحة والاماكن و الموارد التي تحقق الاعراض عن اللغو.

 

8.الدعاء باستمرار للنفس و الاخرين

 

9.ايجاد البيئة الايجابية و التكامل مع البيئات الاخرى الايجابية.

 

10.             المرونة

 

11.             الامر بالمعروف والنهي عن المنكر باستمرار وفي كل مكان و بكل وسيلة متاحة.

 

12.             ترك الغيبة والنميمة و الكذب و الكلام الفاحش و البذاذة واماكن المعصية

 

13.             تزكية النفس و السمو الروحي قال الله تعالى : ( قد افلح من زكاها ) و ذلك من خلال الطاعات .

جعلني الله واياكم من المؤمنين المفلحين في الدنيا والآخرة.

عباد الله:

﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة؛ فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة عليَّ))، وقال صلى الله عليه وسلم: ((أَوْلَى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليَّ صلاة))؛

 

اللهم صل على محمد و على آل محمد كما صليت على ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد و بارك على محمد وال محمد كما باركت على ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد

 

السلام عليك ايها النبي و رحمة الله و بركاته

 

عباد الله:

واني داع فأمنوا تقبل الله منا ومنكم

 

لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير

سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله اكبر و لا حول ولا قوة الا بالله

اللهم انا نسألك بان لك الحمد لا اله الا انت الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد

يا ربنا الاكرم يا حي قيوم يا حي يا قيوم  يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث اصلح لنا شأننا كله و لا تكلنا الى أنفسنا ولا الى أحد من خلقك طرفة عين و لا اقل من ذلك

يا ذا الجلال والإكرام يا ذا الجلال والإكرام يا ذا الجلال والإكرام اللهم اغفرلنا و ارحمنا و اهدنا وارزقنا واشفنا واكفنا و عافنا واعف عنا

و اصلح لنا ديننا و دنيانا وآخرتنا

و اصرف عنا السوء والفحشاء وكيد الاعداء و ان نقول عليك ما لا نعلم

اللهم احفظ بلادنا و حكامنا و علمائنا و قيمنا و تعليمنا و حدودنا و انصر جنودنا و مكن لنا في الارض

اللهم اجعل لنا في قلوبنا نورا وفي ابصارنا نورا و في اسماعنا نورا و في وجوهنا نورا و في السنتنا نورا و في اقلامنا نورا وفي حياتنا نورا و في قبورنا نورا واجعل لنا يوم الحشر نورا و على السراط نورا و يوم ندخل الجنة نورا.

اللهم  اغفر لنا و لوالدينا و للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات

اللهم ارحم موتانا و موتي المسلمين اللهم اغفرلهم واحمهم و عافهم واعف عنهم واكرم نزلهم و وسع مدخلهم و جازهم بالحسنات احسانا وبالسيئات عفوا وغفرانا.

اللهم أعنا على شكرك و ذكرك و حسن عبادتك

ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم .

وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم المرسلين واقم الصلاة ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر .

 

كتبها لكم محبكم العود

لاحق محمد أحمد لاحق

من حي الضباب بمدينة أَبْهَا البَهِيَّه

مسجد حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه

في ٢٨ رجب ١٤٤٢

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق