الخميس، 18 مارس 2021

والذين هم للزكاة فاعلون

 العنوان :  والذين هم للزكاة فاعلون

 

الخطبة الاولى :

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله، فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له

 

وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له يحيي و يميت و هو على كل شيء قدير.

 

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ما ترك خيرا الا دلنا عليه و لا ترك شرا الا حذرنا منه.

 

و نعوذ بالله من شر الشيطان الرجيم وشركه و همزه ونفخه و نفثه و وسوسته و نعوذ بالله من شرور جنوده اجمعين.

اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]،

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)

(18) الحشر

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]،

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسوله محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

أيها الناس:

 

 يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: 

اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

بسم الرحمن الرحيم

﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ(1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُون(2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ  (3)وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11) ﴾ [المؤمنون: 1 - 11].

 

عباد الله:

إن الصفة الثالثة للمؤمنين المفلحين الواردة في سورة المؤمنين هي في قول الله تعالى:

(والذين هم للزكاة فاعلون )

 

قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الاية :

" وقوله : ( والذين هم للزكاة فاعلون ) : الأكثرون على أن المراد بالزكاة هاهنا زكاة الأموال ، مع أن هذه [ الآية ] مكية ، وإنما فرضت الزكاة بالمدينة في سنة اثنتين من الهجرة . والظاهر أن التي فرضت بالمدينة إنما هي ذات النصب والمقادير الخاصة ، وإلا فالظاهر أن أصل الزكاة كان واجبا بمكة ، كما قال تعالى في سورة الأنعام ، وهي مكية : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) [ الأنعام : 141 ] .
وقد يحتمل أن يكون المراد بالزكاة هاهنا : زكاة النفس من الشرك والدنس ، كقوله : ( قد أفلح من زكاها . وقد خاب من دساها ) [ الشمس : 9 ، 10 ] ، وكقوله : ( وويل للمشركين . الذين لا يؤتون الزكاة ) [ فصلت : 6 ، 7 ] ، على أحد القولين في تفسيرها .
وقد يحتمل أن يكون كلا الأمرين مرادا ، وهو زكاة النفوس وزكاة الأموال; فإنه من جملة زكاة النفوس ، والمؤمن الكامل هو الذي يتعاطى هذا وهذا ، والله أعلم ."

انتهى كلامه.

 

عباد الله:

لقد ورد الامر بالزكاة في القرآن العظيم في مواضع كثيرة و تارة يقرنها مع الصلاة و بقصد بها زكاة الاموال كقول الله تعالى:

 

  • وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴿٤٣ البقرة﴾

 

و تارة تاتي بمعنى تزكية النفس اي بالتوحيد والايمان و فعل الطاعات و ترك الكفر والشرك والبدع و المعاصي والمنكرات

 

كما في قول الله سبحانه وتعالى

 

·        خَالِدِينَ فِيهَا وَذَٰلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّىٰ ﴿76 طه﴾

·        وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا ﴿21 النور﴾

·        وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴿21 النور﴾

 

وتارة تاتي بالمعنيين معا كما في قول الله تعالى:

·        وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ﴿4 المؤمنون﴾

·        قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّىٰ ﴿14 الأعلى﴾

·        قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ﴿9 الشمس﴾

 

بارك الله لي ولكم وللمسلمين في القرآن العظيم و نفعنا بهدي سيد المرسلين. و استغفر الله لي ولكم وللمسلمين والمسلمات من كل ذنب فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله الذي جعلنا مسلمين  واعزنا بالاسلام و فضلنا على كثير من العالمين تفضيلا.

 

وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم  عليه وعلى آله وصحبه.

أما بعـــد :

فان المآل في الاخرة اما للجنة او للنار قال الله تعالى:

وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ ۚ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7) الشورى

اخواني الكرام:

كلما لاحت لك فرصة او تعلمت علما يقربك الى الله فاحمد اللهَ على ذلك .

ها نحن اليوم نتعلم صفة حميدة يتصف بها المؤمن المفلح في الدنيا والاخرة وهي فعل الزكاة

عباد الله:

لا فائدة للعلم ان لم يتحول إلى عمل و تطبيق في حياتنا و ما اكثر ما نقرا في كتاب الله سبحانه و تعالى

الذين آمنوا و عملوا الصالحات

اخواني :

جمعت لكم سبعة عشر ‏خطوة عملية قابلة للتنفيذ فورا تجعنا نزكي انفسنا و نزكي اموالنا وهي:

1.اجعل رؤيتك في الدنيا والآخرة هي دخول الجنة و رضا الله سبحانه و تعالى

 

2.اجعل رسالتك في الدنيا هي عبادة الله بكل قول وصمت وبكل فعل ورد فعل وترك وكل شعور ايجابي و سلبي

 

3.اجعل قيمك في حياتك هي قيم الاسلام ومنها الامانة والصدق والوفاء والتواضع .

 

4.صمم اهدافك الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لتحقيق رؤيتك.

 

5.ابتعد عن الكفر والشرك بانواعه والبدع و الكبائر والسبع الموبقات و محبطات الاعمال و المعاصي والمنكرات والشبهات والاسراف في الحلال و كل قبيح واعلم ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين.

 

6.كن من الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالاسحار قال الله تعالى:

الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ (17)

 

7.استثمر جميع اوقاتك في اعمال واقوال تعود عليك بالنفع في الدنيا والآخرة و حولها جميعا الى عبادة بواسطة النية.

 

8.إقرأ كثيرا و تعلم أداء الصلاة والصيام والحج بجودة عالية.

 

9.تدبر القرآن الكريم و اعلم انه كلام الله وقف كثيرا عندما يرد نداء يا أيها الذين آمنوا أو ان الله يحب واعمل ما يحب الله وقف عند قول الله ان الله لا يحب و توقف فورا عن ما لا يحب الله سبحانه و تعالى و قف كثيرا عند اسباب دخول الجنة و نفذها و اسباب دخول النار و آيات الوعيد و تجنبها

 

10.             حافظ على الصلوات الخمس قال الله تعالى: ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر(اي تزكي النفس) واستمتع بأدائها في اوقاتها مع الجماعة و اكثر من النوافل و صل في آخر الليل ولو ركعة واحدة

 

11.             صم شهر رمضان ايمانا واحتسابا و اكثر من صيام النوافل و خاصة الايام الفاضلة كسا شوال ويوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس والايام البيض

 

12.              اذكر الله كثيرا و بخاصة الاستغفار و الصلاة والسلام على النبي محمد ﷺ و التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والحوقلة ففي حديث سمرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسولُ الله ﷺ: أحبّ الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر،لا يضرّك بأيهنَّ بدأت.  رواه مسلم

 

13.             صاحب الصالحين والمصلحين و فارق الفسقة والحمقى و البطالين و فارق اماكن و منتديات و مجموعات اللهو واللغو و الطرب و ما يغضب الله. سواء كانت واقعية او افتراضية.

 

14.             صل رحمك و احذر قطيعة الرحم فان قاطع الرحم ملعون اصم لا يسمع الحق اعمى لا يبصر الحق قال الله تعالى:

فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23) محمد

 

15.             دائما انشر العلم والخبرات وامر بالمعروف وانه عن المنكر واحرص على أن يكون لك صدقة جارية او علم ينتفع به او ولد صالح يدعو لك وكن مفتاحا للخير مغلاقا للشر وادع الى الله فان كل واحد يعمل بعمل انت سببه يكون في ميزان حسناتك الى يوم القيامة.

 

16.             لا تاكل الا حلالا قال النبي محمد ﷺ : يا سعد ، أطب مطعمك، تكن مستجاب الدعوة، والذي نفس محمد بيده إن العبد ليقذف بلقمة الحرام في جوفه فلا يقبل منه عمل أربعين يومًا، وأيما عبد نبت لحمه من السحت والربا، فالنار أولى به » 

رواه مسلم وغيره

 

17.             اكثر من الدعاء لنفسك ولأهلك وللمسلمين جنهم وانسهم حيهم و ميتهم فان حولك ملك يقول ولك بمثل.

 

عباد الله:

﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة؛ فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة عليَّ))، وقال صلى الله عليه وسلم: ((أَوْلَى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليَّ صلاة))؛

 

اللهم صل على محمد و على آل محمد كما صليت على ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد و بارك على محمد وال محمد كما باركت على ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد

 

السلام عليك ايها النبي و رحمة الله و بركاته

 

عباد الله:

واني داع فأمنوا تقبل الله منا ومنكم

 

لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير

سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله اكبر و لا حول ولا قوة الا بالله

اللهم انا نسألك بان لك الحمد لا اله الا انت الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد

يا ربنا الاكرم يا حي قيوم يا حي يا قيوم  يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث اصلح لنا شأننا كله و لا تكلنا الى أنفسنا ولا الى أحد من خلقك طرفة عين و لا اقل من ذلك

يا ذا الجلال والإكرام يا ذا الجلال والإكرام يا ذا الجلال والإكرام

 اللهم اغفرلنا و ارحمنا و اهدنا وارزقنا واشفنا واكفنا و عافنا واعف عنا

واصلح لنا ديننا و دنيانا وآخرتنا

و اصرف عنا السوء والفحشاء وكيد الاعداء و ان نقول عليك ما لا نعلم

اللهم احفظ بلادنا و حكامنا و علمائنا و قيمنا و تعليمنا و حدودنا و انصر جنودنا و مكن لنا في الارض

 

اللهم اجعل لنا في قلوبنا نورا وفي ابصارنا نورا و في اسماعنا نورا و في وجوهنا نورا و في السنتنا نورا و في اقلامنا نورا وفي حياتنا نورا و في قبورنا نورا واجعل لنا يوم الحشر نورا و على السراط نورا و يوم ندخل الجنة نورا انت نور السماوات والأرض سبحانك.

 

اللهم  اغفر لنا و لوالدينا و للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات

 

اللهم ارحم موتانا و موتي المسلمين اللهم اغفرلهم واحمهم و عافهم واعف عنهم واكرم نزلهم و وسع مدخلهم و جازهم بالحسنات احسانا وبالسيئات عفوا وغفرانا.

 

اللهم أعنا على شكرك و ذكرك و حسن عبادتك

 

اللهم ادفع عنا الوباء والربا و الزنا والزلازل والقلاقل و الفتن ما ظهر منها وما بطن

 

ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين واجعلنا للمتقين اماما

رب اجعل هذا البلد آمنا و سائر بلاد المسلمين

 

اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا و زدنا علما

ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم .

واغفر لنا انك انت الغفور الرحيم

و تب علينا انك انت التواب الرحيم

 

وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم المرسلين واقم الصلاة ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر .

 

كتبها لكم محبكم العود

لاحق محمد أحمد لاحق

من حي الضباب بمدينة أَبْهَا البَهِيَّه

مسجد حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه

في ٦ شعبان ١٤٤٢